منوعات

المسؤوليه الاجتماعيه والفكر التوعوي

كتب كريم الشافعي

المجتمع هو سفينة تجمعنا جميعًا، وسلامتها تعتمد على وعي كل فرد منا ومسؤوليته تجاه الآخرين. يقول الإمام علي بن أبي طالب: “لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظم من عصيت”، وهي دعوة لنا لنحمل في قلوبنا الحرص على نصح من يقع في الخطأ، لا من باب التعالي، بل من باب الود والنصح. الخطأ قد يكون لحظة ضعف أو غفلة، لكن الكلمة الطيبة والتوجية قادران على إعادة المخطئ إلى الطريق الصحيح.

المسؤولية الاجتماعية تبدأ عندما نضع أنفسنا موضع الآخر، فبدلًا من أن نحكم عليه أو ننتقده، نحاول أن نفتح له باب الرجوع. وكما قال الشاعر أحمد شوقي:
“إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا”
فالأخلاق والقيم هي حجر الأساس للمجتمع، وتصحيح الأخطاء بالحكمة هو ما يجعلنا نحافظ عليها. ويقول العقلاء في هذا الشأن أن “الإصلاح بالكلمة خير من الهدم بالصمت”، لأن الصمت على الأخطاء يجعلها تتفاقم ويزيد من أضرارها على الفرد والمجتمع.
ويعلموننا أيضا أن الكلمة الطيبة قوة بحد ذاتها، فهي تصلح ما أفسدته القسوة أو التجاهل. وكما قال جلال الدين الرومي: “الكلمات التي تخرج من القلب تدخل القلب”، فإن النصيحة الصادقة والرفق في التوجيه لهما أثر عظيم في إحداث تغيير حقيقي. بل إن البعض قد يحتاج إلى مجرد نظرة دعم أو ابتسامة تشجيع كي يتراجع عن خطئه.
فلنجعل من وعينا وسيلة لبناء مجتمع متماسك، نذكر فيه بعضنا بالخير، وننصح برفق، لأن الهدف ليس العقاب، بل أن نكون عونًا لبعضنا في طريق الصواب. بهذا فقط نزرع المحبة ونرسم طريقًا نحو مجتمع قوي يزدهر بالوعي والمسؤولية، ويعلو فيه صوت الخير على كل صوت آخر، فنكون بذلك سفراء للخير والإصلاح في كل خطوة نخطوها.
حيث أن المجتمع الذي يقوم على التراحم والتكاتف هو المجتمع الذي يصمد أمام التحديات. حين نغرس في قلوبنا حب الخير للآخرين، ونؤمن أن كل فرد يمكن أن يكون سببًا في إحداث فرق إيجابي، نزداد قوة وترابطًا. وكما يقول أبو العتاهية: “إذا غرسوا للشر غرسًا فدمروا… وإن غرسوا للخير غرسًا فأثمروا”، فإن الكلمة الطيبة والنصيحة المخلصة هما البذور التي تثمر خيرًا لا ينقطع. لا تنتظر أن تتغير الدنيا من حولك، بل ابدأ أنت بالتغيير، فالفعل الصغير الذي يصدر منك قد يكون بداية سلسلة من الخير لا تعرف نهايتها.
فلنكن سببا للأمل ومصابيح تنير دروب الآخرين، نتصرف بحكمة ونوايا صادقة، لأن المجتمعات لا تُبنى بالصمت ولا تستقيم إلا بالمحبة والإصلاح. تذكر دائمًا أن “يدًا واحدة قد تغير مجرى نهر، وكلمة صادقة قد تبني أمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights